مدونتنا العربية

رحلة العميل وأسباب أهميتها | يونيفونك

Written by المشرف | Dec 7, 2021 10:00:40 AM

هل تذكر لعبة السلم والثعبان قد يكون وضع عملائك شبيه بهذه اللعبة وأنت لا تدري. يمضي اللاعب في هذه اللعبة في مسار بحسب النتيجة التي تظهر على حجر النرد فلا يلبث إلا أن يعود من جديد لمناطق قد مر بها من قبل إذا ما كان حظه عاثرا بوقوفه على خانة أحد الثعابين، في الواقع هذا ما يحدث لعملائك عندما لا يكون هناك خرائط معتمدة ومتفق عليها فبعض موظفيك إما عن جهل أو قصد قد يلعب دور الثعبان بهذه اللعبة ليدخل العميل في متاهة ويعيده لمحطات هو بغنى عن العودة لها.

لذلك عليك أن تعي جيداً أن العميل هو أساس نجاح أي عمل (سواءً في القطاع الخاص أو العام أو حتى المنظمات غير الهادفة للربح)، وأن أي تجربة في هذا الكون تتكون من جزئين رئيسين من حيث المستوى، مستوى جزئي (Microexpereince) ومستوى كلي (Macroexpereince). المستوى الجزئي هو عبارة عن نقاط التفاعل التي يعيشها العميل ضمن مراحل ومحطات مختلفة من التجربة لتكون بمجموعها المستوى الكلي من التجربة.

ماهي خريطة رحلة العميل؟ 

هي عبارة عن أداة تستخدم لتمثيل المستوى الجزئي من التجربة بصريا (Visualization) للرحلة التي يمر بها العميل من قبل أن يبدأ تعامله مع المنظمة، وأثناء تعامله معها عبر  تفاعله مع عدة محطات/قنوات/نقاط اتصال سواء كانت رقمية أو مادية، بشرية أو آلية وتستمر هذه الرحلة إلى ما بعد انتهاء التعامل.

 

ولماذا هي مهمة وما الفرق بينها وبين إجراءات العمل؟ 

يجدر بالشركات أن تضمن تقديم تجربة متميزة لعملائها في كل نقطة تفاعل معهم، ولكن لن تتمكن من ذلك قبل أن تتوفر لها الصورة الكلية للتجربة (من منظور عملائها) وبالتالي فإن رسم خريطة رحلة العميل هي اللبنة الأولى التي يتم وضعها لغرض تحسين تجربة العميل، لأنها تمنحك صورة واضحة لجميع تفاعلات العملاء عبر جميع القنوات والأجهزة ونقاط التفاعل أثناء كل مرحلة من مراحل دورة حياة العميل.

 

و الفرق بينها وبين إجراءات العمل

هناك لبس شائع عند العديد من الناس في اعتقاد أن خريطة رحلة العميل هي ذاتها خريطة إجراءات العمل. في الواقع خريطة رحلة العميل تكون من منظور العميل (نظرة من الخارج للداخل) -Outside in- . أما الإجراءات فهي من منظور الشركة (من الداخل للخارج) -Inside out- وبين الأولى والثاني سيكون هناك فرق وأحيانا يكون شاسعا. والحكمة أن تقوم الشركة بمقارنة الخريطتين ومن ثم تعديل الإجراءات على ضوء مرئيات العملاء التي تم توثيقها في خريطة رحلة العميل.  

 

تماما كمثال لعبة السلم والثعبان، قد تبدوا خريطة الإجراءات سليمة ومتسلسلة وخالية من أي مشاكل بينما تظهر خريطة رحلة العميل الصورة الحقيقية (على أرض الواقع) 



ما هي مكونات خريطة رحلة العميل

 

بداية دعونا نوضح أنه لا يوجد قالب موحد معتمد من جميع الممارسين، لكن تركيزنا سيكون على المكونات الرئيسية المتفق عليها. وتتألف خريطة رحلة العميل في معظم الصناعات إلى أجزاء أفقية وعمودية. 

 

تجسد الأجزاء العمودية ثلاث مراحل رئيسية (ما قبل التعامل، أثناء التعامل، ما بعد التعامل) وتنقسم هذه المراحل إلى المحطات رئيسية في رحلة حصول العميل على الخدمة أو المنتج والتي يمكن للشركة التعامل معها كمعلم رئيسي يندرج تحته خطوات محددة، ومن خلال هذا المعالم تستطيع الشركة إدارة أفضل لرحلة العميل وتحديد عوامل نجاح داخلية مرحلية تنعكس أيضا على رحلة الموظف وتحقيق أهدافه ومؤشرات أداءه. المحطات كالتالي: 

 

 الاعتبار Consideration (ما قبل التعامل)

 

حيثما يبدأ العميل بالبحث عن حل لمشكلة تواجهه أو حاجة يريد تلبيتها، فيبدأ بالبحث عن المعلومات والخيارات المتاحة للتعامل مع هذه الحاجة التي تم اكتشافها مؤخراً. 

 

الذي يحظى باعتبار العميل هي الشركات التي تهتم بالتواجد الرقمي في عالم الانترنت وتحديدا تظهر في النتائج الأولى في محركات البحث الشهيرة بسبب عنايتها بالكلمات المفتاحية التي يبحث عنها العملاء (SEO: Search engine optimization). الشركات التي تقدم الإرشادات وتوفر محتوى تثقيفي يتعلق بحاجة العميل أو مشكلته تحظى بفرصة أكبر بالاختيار. 

 

 القرار Decision (ما قبل التعامل)

 

عند الوصول إلى هذه المرحلة ، يكون العميل المحتمل قد أصبح يعرف تماماً ما يحتاج إلى القيام به لحل مشكلته أو تلبية حاجته. أصبح لديه الوعي والعلم بالحلول المتوفرة له، في هذه المرحلة يقيّم العميل المحتمل الخيارات المتاحة في السوق لتحديد المنتج / الخدمة الأفضل لحل مشكلته.

 

في هذه المرحلة يقارن العميل بين عدد من الخيارات باستخدام مواقع المراجعات (مثل جوجل مابس، Tripadvisor) وغيرها، ويطلع على تجارب بعض المستخدمين/المستهلكين الحاليين على مواقع الشبكات الاجتماعية إن المحتويات التي تقارن المنتجات والخدمات.


( طلب الخدمة أو المنتج (أثناء التعامل

 

في هذه المرحلة يكون العميل قد اتخذ قرار التعامل مع شركة معينة، ويبدأ باستكشاف آلية الطلب والقنوات التي يمكن له  أن يطلب من خلالها، ويبدأ بالعملية إلى أن يقوم بدفع الرسوم التي سيحصل بمقابلها على الخدمة/المنتج. 

 

هنا تتشكل الانطباعات الأولية للعميل عندما يعيش في إجراءات طلب الخدمة/المنتج وتؤثر مدى سلاسة ووضوح الخطوات بالنسبة للعميل أثرا كبيرا على انطباعه الأولي وعلى قرار تعامله مستقبلا



4- تجربة الخدمة أو استهلاك المنتج (أثناء التعامل)

 

في هذه المرحلة يقوم العميل بتجربة الخدمة أو استهلاك المنتج ويقوم بتقييم ما حصل عليه من حيث فعالية الخدمة/المنتج في معالجة مشكلته أو تلبية احتياجه. ويقوم العميل بمقارنة توقعاته التي تشكلت من عدة مصادر أحد وعد العلامة التجارية الذي تم تحديده من خلال رسائل الشركة التسويقية أو محتواها المنشور عن الخدمة/المنتج وتؤدي نتيجة مقارنته للتوقعات مع ما عايشه على أرض الواقع إلى مستوى معين من الرضا.  فإما أن يكون راضيا ويقرر إعادة التعامل أو يكون محبطا فيقرر عدم تكرار تجربته 

 

5- ما بعد البيع أو ما بعد التجربة (ما بعد التعامل)

 

في هذه المرحلة تندرج خدمات ما بعد البيع، وخدمات الدعم الفني للمنتج وخدمات العناية بالعملاء في حال كان لدى العميل أسئلة تتعلق بالمنتج/الخدمة أو طريقة استخدامه/استهلاكه، وهذه المرحلة أيضا تؤثر في قرار إعادة التعامل من عدمه. 

 

وتحظى بهذه المرحلة الشركات التي تعتبر أن العلاقة بدأت مع العميل بهذه المرحلة لم تنتهي بها كما تظن بعض الشركات التي لا تعامل عملائها إلا على أنهم عمليات بيعية. 

 

--------------

والآن دعونا نتحدث عن الأجزاء الأفقية من الخريطة 

توجد عناصر رئيسية تتكون منها خريطة رحلة العميل بصرف النظر عن طريقة التمثيل البصري للرحلة أو الهدف من الرحلة أو أي أسباب أخرى وهذه العناصر هي: 

 

1 - الاحتياجات والتوقعات (Needs and Expectations): 

وهي احتياجات وتوقعات العميل في كل خطوة من الخطوات التي يقوم بها في رحلة الحصول على الخدمة وفق السيناريو المحدد. 

 

2- أفكار وتساؤلات العميل (Thinking)

الهدف من هذا الجزء هو التعاطف مع العميل ومحاولة الإجابة على أي تساؤل يخطر على باله ضمن نقاط التفاعل دون تكبيده عناء البحث عن معلومة أو الإجابة على سؤال معين. بحيث نستفيد من العملاء أنفسهم في معرفة أفكارهم وتساؤلاتهم وكذلك من خلال المعلومات الداخلية المتوفرة من الأبحاث التسويقية، أبحاث رضا العملاء وغيرها. وكذلك أثناء الورشة التي سيتم عقدها لإثراء الخريطة.

3 - الخطوات (Actions):

 وهي الخطوات المحددة التي يتخذها العميل تحت كل مرحلة من مراحل حصوله على خدمات الشركة وفق السيناريو المحدد بغرض تحقيق هدفه/أهدافه، هذه الجزئية مهما جدا في اكتشاف تصرفات تتناقض مع تصميم نقطة التفاعل وبالتالي 

 

4- نقاط التفاعل (Touch Points)

كل تفاعل للعميل مع علامتك التجارية يُسمى (نقطة تفاعل). وهدف إدارة تجربة العميل أن تجعل التجربة في جميع نقاط التفاعل إيجابية، وقد تكون هذه المهمة صعبة جدا ولذلك نبدأ عادة بالتركيز على نقاط التفاعل الأكثر حساسية والتي تسمى بـ (لحظات الحقيقة) Moment of truth وهي لحظات التجربة بها يمكن أن تعزز العلاقة بشكل كبير مع العميل أو تدمر العلاقة. 

 

هناك لبس شائع بين نقاط التفاعل وبين القنوات، وللتميز يمكنك ببساطة أن تسأل ماذا يحدث وأين يحدث … الإجابة على ماذا يحدث يكون نقطة تفاعل، أما الإجابة على أين يحدث يكون قناة. 

 

5 - العقلية أو الحالة المزاجية (Mindset):

وهي توثيق لحالة العميل في كل مرحلة من المراحل أو خطوة من الخطوات والتي تترجمها تساؤلاته، أفكاره، محفزاته، تطلعاته الناتجة من البحث الكمي والكيفي، ويفضل أن تكون بنفس المصطلحات التي يذكرها العميل لزيادة المصداقية والفاعلية.

 

6 - المشاعر (Emotions):

 وهي ترجمة شعور السعادة أو الحزن أو الغضب أو الضيق وغيرها صعودا وهبوطا والتي تعتري العميل خلال رحلته، سواء على المستوى المرحلي أو الخطوات التفصيلية. إن العميل لا يقرر الشراء بناء على قرارات عقلانية فقط، أبسط شيء أن تلقي نظرة على المقتنيات الشخصية التي في الغرفة التي تجلس فيها الآن، لتعلم أن معظم قرارات الشراء لديك، إنما هي قرارات عاطفية بحتة.

 

 لذلك التعرف على ميول عملائك، وطرق تفكيرهم، وتوجهاتهم السلوكية، سيكون له أبلغ الأثر في دعم قرارهم العاطفي بشراء منتجك. والتركيز على عاطفة العميل، يعتبر أحد أهم الوسائل المؤثرة في التواصل مع العملاء وربحهم في صف علامتك التجارية قبل المنافسين.  

 

7 - التحديات (Challenges) وتعرف كذلك بــ نقاط الألم (Pain Points):
وهي المشاكل التي يواجهها العميل في رحلته  هذا الجزء يعتبر من أهم المحاور لأن كل قرارات التحسين ستتخذ على ضوءه، ويمكن تحديد نقاط الألم التي يعاني منها العملاء من عدة مصادر على رأسها العملاء أثناء الورشة التي يتم رسم الخريطة بها، ومصادر أخرى مثل: الشكاوى، صوت العميل، وأي قنوات أخرى يمكن أن يشارك من خلال العميل صوته (رأيه، اقتراحاته … الخ) 

 

8 - الفرص (Opportunities):

وهي مساحات التحسين والحلول المقترحة للتحديات التي يواجهها العميل من منظور العميل. في هذا الجزء يتم وضع توصيات إدارة تجربة العميل لأصحاب العلاقة أو يمكن عصف الحلول معهم ذهنيا في ورشة عمل، وهي عبارة عن حلول مقترحة لتحسين الخدمة/المنتج والتي من دورها (إن تم تطبيقها) أن تزيل نقاط الألم / المشاكل التي يعاني منها العملاء تحت كل نقطة تفاعل.

9- صوت العميل (VoC results)
في حال كان هناك برنامج قائم لقياس صوت العميل، يتم عكس مؤشرات الرضا أو الولاء على الخريطة لنقاط الاتصال التي تم قياسها، وذلك للاسترشاد بهذه النتائج في اتخاذ قرارات معينة تتعلق بتعديل أو إعادة تصميم التجربة في هذه النقاط, 

 

أخيرا على هامش الخريطة خارج نطاق الأجزاء الأفقية والعمودية يكون هناك قسمين:

 

1 - الممثل (Actor):

 وهو في أعلى درجات الدقة يكون عميل محدد للشركة وكل معلوماته حقيقية ودقيقة وتمثل فعلا سياق تجربته مع الشركة. وفي أدنى درجات الدقة يكون شخصية افتراضية "Persona" تم تحديد صفاتها وأبعادها وجميع معلوماتها كممثل لأحد شرائح العملاء التي تستهدفها الشركة وهذه الصفات والأبعاد هي صفات ناتجة من بيانات لدى الشركة إذا كانت لعملاء حاليون أو مبنية على بحث كمي وكيفي سواء لعملاء حاليون أو مستقبليون. 

 

2 - سيناريو (Scenario):

 وهو السياق الذي يحاول العميل من خلاله التفاعل مع الشركة والحصول على أحد خدماتها أو منتجاتها. وحصول العميل على خدمات الشركة ومنتجاتها يقتضي سياقات وسيناريوهات مختلفة ويجب على الشركة أخذ جميع السيناريوهات في الاعتبار عند تقييم أو تصميم رحلة العميل. 

 

وهنا تساؤل يطرح نفسه هل رحلة العميل إجراء مستدام أم مجرد تمثيل بصري ؟

 

يعتقد البعض مخطئين بأن خريطة رحلة العميل ليس إلا رسما بيانيا يعلق على أحد جدران  الشركة كقطعة ديكور، وهذا حاصل للأسف في العديد من الجهات التي لا تعي دور وأهمية خريطة رحلة العميل في تحسين التجربة. 

في الواقع إن لم تتحول خريطة رحلة العميل إلى إجراء حوكمي معتمد ومرتبط بالعديد من أصحاب العلاقة فلن يكون لخريطة رحلة العميل أي قيمة تذكر. وسيكون وجودها من عدمه واحدا. 

 

ويجب أن يتم وضع إجراء تحسين مستمر للخدمة/المنتج بالاعتماد بشكل رئيسي على خريطة رحلة العميل كمصدر رئيسي للمشاكل التي ينبغي معالجتها، ويتم تحديد أصحاب العلاقة وتناقش معهم المشكلة وتحدد جذورها (مسبباتها) ثم توضع خطة تصحيحه من قبل مالك الإجراء الذي ينبغي تحسينه مع مشاركة جميع أصحاب العلاقة المتأثرين بهذا الإجراء. ويتم كذلك اعتماد جدول زمني للتنفيذ. ونفس الممارسة تتم مع بقية المشاكل في الخريطة وذلك مع أطراف متعددة داخل الشركة وتتم المتابعة معهم من إدارة تجربة العميل أو مكتب إدارة المشاريع ويشرف على التنفيذ ومتابعة الأداء الرئيس التنفيذي (أو شخص ذو سلطة أو نفوذ عالي)  ، ثم وبعد فترة زمنية معينة أو بعد إجراء مجموعة من التعديلات يعود فريق تجربة العميل لتعديل الخريطة بناءً على ضوء التغييرات التي حدثت ليرى الأثر المترتب على التغيرات (من وجهة نظر العميل) أي أنه هناك ورشة أخرى ستعقد لرسم إصدار (محدث) من الخريطة …


 وعلى أثر نتائج الورشة/الخريطة الجديدة تتكرر دورة الحياة السابقة بشكل مستمر إلى أن تصل الخريطة إلى وضع مثالي (الكمال لله، لكن السعي نحو الكمال هو غاية أي شركة تريد أن تسيطر على أكبر حصة سوقية بين منافسيها).